حديث الوساده

الأحد، 26 مايو 2013 التسميات:

حديث الوساده
حديث الوساده
<هذي القصه للكاتبة انتصار العقيل أعجبتني وحييت انقلها لكم>
"أتمنى من كل قلبي تحسوا نفس إحساسي وأنا أقراها"
حديث الوساده
*ألقت بجسدها المرهق في فراشها , ومالت برأسها فوق وسادتها في اتجاه زوجها الذي نظر إليها نظرة مليئة بالحنان والحب وهو يمسح بأصابعه دمعة صامتة انسابت فوق وجنتيها ثم امسك بيدها ولثمها قائلا:
_ هل هذا وقت الدموع ؟؟؟ ستشهد عليك وسادتنا انك بكيت في ليلة عرس ابنتنا الصغرى , هذه الدموع لا عذر لها , لقد كان الحفل رائعا , والعروس وعريسها كانا في منتهى السعادة والهناء , أما أم العروس فقد كانت أجمل الحاضرات وأكثرهن تألقا وإشراقا .
ابتسمت في دلال أنثوي وقاطعته :
_ طبعا في عينيك أنت فقط –
حديث الوساده
_ بل يا سيدتي في عيون كل من رأوها وبشهادة كل الحضور , على كل أنا صاحب الشأن ورأيي أنا هو الأهم – الليلة أشعر أنا أيضا أني عريس , ها نحن بعد سبعة وعشرين عاما نعود كما بدأنا معا وحيدين , كأننا في أول ليلة معا تحت سقف واحد .
تنهدت وأغمضت عينيها وقالت وهي سارحة :
_ الله .. عمر , سبعة وعشرون عاما , بكل ما تحمل من تجارب فرح وترح , هدوء وصخب , رخاء وشدة , سبعة وعشرون عاما بكل ما تحمل من متناقضات مشيناها معاٌ خطوة خطوة كزوجين , كحبيبين , كصديقين , الآن تزوج أبناؤنا الثلاثة , كل واحد منهم يعيش حياته
حديث الوساده
الخاصة مع رفيق عمره , لقد انتهى دوري ودورك معهم , ولم يبق لدينا سوى أن ندعو لهم بالتوفيق ونراقب ثمرة جهدنا وتفاهمنا في تربيتهم ورعايتهم طوال الأعوام الماضية – آه ما أطولها من رحلة – تنهدت تنهيدة طويلة وصمتت .. فأكمل حديثها قائلا :
_ ما أطولها من رحلة وما أسعدها من رحلة وهذا هو المهم ياحبيبتي , البشر جميعهم يتزوجون وينجبون , لكن فئة قليلة تعرف معنى السعادة في حياتها والسبيل لها , الحياة الزوجية هي ارتباط بين رجل وامرأة , كل واحد منهم له عقليته الخاصة به وشخصيته وكيانه , وإدراك هذا الواقع هو من أهم الأسس لبناء حياة زوجية سعيدة , بعد هذا على الزوجين أن يسعيا مع مرور الأيام أن يندمجا وينصقلا ليصبحا شخصا واحدا بفكر واحد وهدف واحد .
أنا وأنت يا حبيبتي والحمدالله استطعنا أن نصبح روحا وفكرا واحد في جسدين ..
صدقت , هذه الحقيقة لا نشعر بها أنا و أنت فقط بل يشعر بها كل من يحتك بنا , ولقد انعكس تفاهمنا وسعادتنا على حياة أبنائنا , طوال السبعة والعشرين عاما تشهد علينا وسادتنا هذه أننا لم تغمض لنا قط عين ولم تستسلم رؤوسنا للنوم فوقها , قبل أن نراجع خطوات امسنا ويومنا وغدنا .
مد يده وضعها فوق كتفيها وقال :
_ نعم وسادتنا هذه تشهد لنا على عمق تفكيرنا وقوة ترابطنا معا , سر نجاحنا هو التفاهم في الوقت المناسب وفي المكان المناسب , في غرفتنا هذه وفوق وسادتنا كم نقاش دار بيننا , وكم مشكلة طرحناها خلال السبعة والعشرين عاما كم من أفراح وأحزان , بشائر وهموم , آمال وآلام , جميع هذه المتناقضات تطاحنت هنا بيننا , لكن لم تغمض لنا عين قبل أن نتفق ونتفاهم على كل خطوة .
حديث الوساده
ابتسمت في ارتياح وقالت في شبه مناجاة :
_ حقا حديث الوسادة أجمل بين الزوجين , خاصة في سكون الليل , والحب والعشرة الطويلة يرفرفان بأجنحتهما على مجلسهما .
قال هامسا :
_ في سكون الليل وبعد يوم حافل بالحركة حينما يلجأ المرء إلى فراشه ويضع رأسه فوق وسادته , يكون الانسان أكثر استعداداٌ لتقبل النقاش المنطقي , ويكون تفكيره ايجابيا في ايجاد الحلول لكل مشكلاته .
ضحكت بخبث :
_ ويكون في عالم برزخي , كمن خدر , غير قادر على الكذب والمرواغة فعقله الباطن هو الذي يتحدث .
قهقه ضاحكا وقال :
أشهد أن لك أسلوب المحققين , لقد سخرت هذه الأحاديث دائما لصالحك فقد كانت تأتيك اعترافاتي بكل سهولة بدون أي جهد منك , فأنت أذكى من يعرف اختيار الوقت المناسب للحصول على أي جواب لأي سؤال .

قالت بثقة :
_ على كلٌ كان الهدف أن أعرف مايدور في أعماقك , فأنت تحتك بالكثيرين ومعرفتي بتجاربك تساعدني أن أعرف ما تحب وما لا تحب , سعادتنا كانت هدفي لم أحاول قط أن أجعل من اعترافاتك ممسكا عليك .
_ وأنت كنت تستحق كل هذا وأكثر فإيجابياتك في النقاش وفي حل المشاكل واتخاذ رأيي بعين الاعتبار والأهمية لم يجعلني أشعر أني أحيا حياة مكبلة مشلولة , لم يكن قط حديث الليل يمحوه النهار كما هو معتاد بين الكثيرين , احترامك لقراراتنا المشتركة جعل حياتنا تتخذ طابع الثقة والأمان والعطاء من أفضل إلى أفضل ..
حديث الوساده
قال بحنان وجدية :
أنت امرأة عظيمة متجددة في كل شيء , في تقعيرك في مظهرك – العالم
الخارجي بكل اغراءاته لم يستطع أن يأخذني قط بعيدا عنك ..
أجابته بعتاب يميل للغضب المدلل :
حدث بعض الأحيان أن أغراك – أتذكر؟؟
فقاطعها ليعيد الحديث لرومانسيته :
لكن دفئك وحكمتك وحبك أعادوني لصوابي , لجنتي ...
ثم همس لها بحنان :
من معه القمر لا ينظر ألى النجوم ....
تنهدت في ارتياح وقالت :
بكلماتك المعسولة هذه تعيد لي حيويتي وأنوثتي وشبابي رغم أن أيام العمر تجري بي ...
حديث الوساده
وضع أصبعه على فمها وقال :
ستظلين في عيوني ياعيوني أحلى الحلوات وأجمل الجميلات .
فقالت بصوت منخفض جدا لا يكاد يسمع :
_ عيون الرجل مرآة المرأة , وغبي الرجل الذي يغمض عيونه عن امرأته , إذ لا بد للمرأة أن تبحث لها عن مرآة أخرى لترى ذاتها ,نظر اليها بعمق وقال :
_ إني أجد فيك يوما الزوجة ويوما الأم ويوما الصديقة ويوما الحبيبة ويوما الابنة , صلتي بك حسب احتياجي لك , انت لست امرأة واحدة , بل أنت ألف امرأة في امرأة واحدة ...
وضعت رأسها فوق صدره وقالت :
_ وأنا أيضا طوال رحلتي معك في كل يوم كنت ألجأ إليك يوما كزوج ويوما كأب ويوما كصديق ويوما كحبيب , أنت كل الرجال في رجل واحد.
أطربه جوابها فضمها إلى صدره بشدة وقال :
_ إذن اتفقنا , سر نجاحنا من خلال عظمة الحب المشيدة حياتنا فوق أعمدته .
حديث الوساده
فقاطعته بدلال وحب :
_ بل السر الأعظم هو حديث الوسادة الذي ما انتهى قط بيننا إلا ونحن نحلق معا في سماء الرضا والحب والهناء .
أحاطها بذراعيه القويتين ليكملا معا مشوار سعادة مؤبدة في حياة زوجية هي
حلم من الأحلام فوق سحاب الخيال .
حديث الوساده

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
لمسة مبدع © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates